تقاريرهام

في ذكرى مجازر 8 مايو 1945.. فرنسا الاستعمارية تاريخ أسود حافل بالجرائم والإبادات الجماعية (تقرير)

يحيي الجزائريون، اليوم الخميس، الذكرى السنوية الـ 80 لـ”مجزرة 8 أيار/مايو”، التي تعتبر من أكبر وأبشع مجزرة ترتكبها فرنسا في يوم واحد.

ففي 8 أيار/مايو 1945، خرج مئات الآلاف من الجزائريين، محتفلين بنهاية الحرب العالمية الثانية، ولمطالبةِ فرنسا بضرورة الوفاء بوعدها ومنح الجزائر استقلالها، لكن القوات الفرنسية عمدت إلى استخدام الرصاص الحيّ ضد الجزائريين، وقتلت 45 ألفاً من المتظاهرين العزّل.

ويُعدّ الاحتلال الفرنسي للجزائر واحداً من أطول الاحتلالات، وأكثرها بشاعةً في التاريخ الحديث، إلا أن ذلك لم يمنع الجزائريين من التضحية بأرواحهم، لتحرير وطنِهم الذي بات يُعرف باسم “بلد المليون شهيد”.

ثورة التحرير الجزائري

في سياق مساعي الجزائريين للتخلص من الاحتلال الفرنسي، اندلعت ثورة التحرير الجزائري في 1 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1954 واستمرّت حتى عام 1962، حيث انتهت بطرد الاستعمار الفرنسي من الجزائر بعد 130 عاماً من الاحتلال.

وحسب ما يروي الجزائريون، فقد ارتكب الاستعمارُ الفرنسيّ جرائم واسعة وعديدة بحق الشعب الجزائري، منذ بدء احتلال الجزائر في 5 تموز/يوليو 1830.

الاستعمار ومحاولات طمس الهوية الجزائرية

وخلال فترة الاحتلال والاستعمار، تعمّدت فرنسا العمل على طمس الهوية الجزائرية، مستهدفةً المساجد ومدارس القرآن الكريم، حيث شيّدت سلطاتُ الاستعمار أولَ مدرسة لـ”التبشير بالمسيحية” عام 1836، إلى جانب إقرار قوانينَ للفصلِ العنصريّ، وسلب الأراضي والممتلكات من الجزائريين.

وإلى جانبِ حملات “التبشير بالمسيحية”، حوّل الاستعمارُ الفرنسيُّ أغلب المساجد في الجزائر إلى كنائسَ وثُكناتٍ واسطبلات، في محاولةٍ واضحة لإنهاء الإسلام في هذا البلد.

وها هو الكاردينال لافجري يقول عن هذه الحملات والإجراءات الاستعماريةK “علينا أن نجعل من أرض الجزائريين مهداً لدولة مسيحية… تلك هي رسالتنا”.

فرنسا تحتفظ بجماجم الجزائريين

وإلى جانب تلك الإجراءات الاستعمارية، تبقى الجماجم البشرية الموجودة حتى اليوم في عدد من متاحف فرنسا، أكبر شاهد على وحشية القتل الذي تعرّض له الجزائريون على يد الاحتلال الفرنسي.

ومنذ عام 2011، تطالب الجزائر فرنسا بإعادة تلك الجماجم، التي تم التعرّف على هويات بعض منها، وهو الأمر الذي ترفضه السلطات الفرنسية.

جرائم استعمارية نووية مستمرة حتى اليوم

”مجزرة 8 أيار/مايو”، ليست الوحيدة في السجل الأسوَد للاستعمار الفرنسي في الجزائر، ففي سياق الاستعمار، أجرت فرنسا 17 تجربةً نووية في الصحراء الجزائرية بين عام 1960 وعام 1966، حسب مسؤولين فرنسيين، إلا أن مؤرّخين جزائريين يؤكدون أن العدد أكبر بكثير.

وقد تسبّبت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهاتٍ وأمراض مستدامة، وإشعاعات نووية، والتي لا تزال تلوّث بعضَ مناطق الجزائر حتى اليوم.

ولا يمكن لأحد أن ينسى أن فرنسا قتلت أكثر من مليونٍ ونصف مليون مدنيّ جزائري، خلال ثورة التحرير الجزائرية، التي تحلّ ذكراها السنويةُ الـ 67 اليوم الإثنين.

وحول هذا الأمر، كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تقريرٍ لها عام 2017 أن “عدد ضحايا الاستعمار الفرنسي فاق عشرة ملايين شخص”.

كتاب “مجازر 8 ماي 1945 في الجزائر: تقارير، شهادات وأعلام”

إنه عنوان كتاب جماعي صدر حديثاً عن “منشورات جميعة النبراس” في سطيف، وفيه تعود مجموعةٌ من الباحثين والأكاديميّين إلى تلك الأحداث، استناداً إلى عدد من التقارير والشهادات الشخصية والصور الوثائقية.

والمشاركون في الكتاب هم سفيان لوصيف وبشير فايد ومحمد بن ساعو ومحمد كراغل وكمال خليل من “جامعة سطيف”، وخميسة مدور من “جامعة قالمة”.

من بين المواد التي يستند إليها الكتاب تقريرٌ للمحافظ المركزي لشرطة مدينة سطيف يستعرض فيه سير الأحداث من وجهة نظر فرنسية، وتقريران سويسريان عن المجازر، إضافةً إلى أرشيفات فرنسية عن دور الميليشيات الأوروبية في المجازر بمدينة قالمة، وتداعيات المجازر على المجتمع في سطيف.

ويستعرض الكتاب شهادات لمُواطِنين من مناطق سطيف، وأولاد عدوان، وعمّوشة، وواد البارد، هُم: خضرة فايد بنت لعبيدي، وصالح هلال، وإسماعيل شلوش، ومحمد وشن، وهي شهاداتٌ تذكّرنا أن “المجازر كانت من الوحشية، بحيث حفرت عميقاً في ذاكرة ووجدان كلّ من عاشها”.

زر الذهاب إلى الأعلى