العالم الإسلاميمميز

أمير قطر في روسيا.. تعزيز للشراكة ومناقشة ملفات إقليمية ودولية حساسة (تقرير)

بدأ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم 17 نيسان/أبريل 2025، زيارة روسيا تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.

وأكد مصدر دبلوماسي لوكالة الأنباء الروسية “تاس” أن الزيارة تركز على تعميق الشراكة بين الدوحة وموسكو، في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة والعالم.

تفاصيل الزيارة وأهدافها

وفقًا للمصدر الدبلوماسي، تتناول الزيارة قضايا ثنائية تشمل التعاون الاقتصادي والسياسي، إلى جانب مناقشة ملفات إقليمية ودولية ملحة.

وكان الشيخ تميم قد أشار سابقًا إلى أن 17 نيسان/أبريل هو التاريخ المحتمل لهذه الزيارة، ما يعكس التحضير المسبق والتنسيق الدقيق بين الجانبين.

وتأتي هذه الزيارة بعد اتصال هاتفي جرى في أواخر آذار/مارس الماضي بين أمير قطر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناول العلاقات الثنائية وتطورات إقليمية ودولية، مما يبرز استمرارية التواصل بين الزعيمين.

تحليل أهمية الزيارة

تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، حيث تشهد المنطقة تطورات متسارعة، لا سيما في سوريا، إلى جانب استمرار الصراعات في أوكرانيا وغزة. وقد قدم محللون سياسيون قراءات متعمقة حول أهداف الزيارة والملفات المحتمل مناقشتها:

وأشار المحلل السياسي المختص بالعلاقات الدولية، محمود علوش في تصريح لـ “وكالة أنباء تركيا”، إلى أن الزيارة “مصممة بدرجة أساسية لتعزيز الشراكة بين قطر وروسيا، لا سيما في ظل الأهمية المتزايدة لهذه الشراكة على المستويات السياسية والاقتصادية”.

وأوضح علوش أن “التنسيق الروسي القطري يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الاستقرار في سوريا، حيث لا تزال روسيا فاعلاً مهماً رغم تراجع دورها النسبي”.

وأضاف أن “روسيا لا تزال فاعل مهم في سوريا رغم أن دورها تراجع إلى حد كبير، لكن التواصل معها يحتفظ بأهمية بالنسبة للفاعلين الإقليميين والدوليين المؤثرين في المشهد السوري، لا سيما تركيا وقطر، ويمكن لروسيا أن تلعب دورًا حيويًا في تعزيز التواصل بين موسكو والإدارة السورية الجديدة”.

وأكد علوش على أن “الزيارة تأتي في سياق التحولات الإقليمية التي تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين دول مثل قطر وتركيا وروسيا، مما يجعلها خطوة ذات أهمية استراتيجية”.

سياق إقليمي ودولي معقد

وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة، خاصة في سوريا، حيث تسعى عدة أطراف إقليمية ودولية إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي بعد سنوات من الصراع. كما أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية منذ شباط/فبراير 2022 يضع ضغوطًا دولية لإيجاد حلول دبلوماسية، وهو ما قد يعزز دور قطر كوسيط محايد.

وفي غزة، يستمر عدوان الاحتلال الإسرائيلي في التسبب بكارثة إنسانية، مما يجعل مناقشة هذا الملف أولوية خلال المباحثات.

من جانبه، وصف الكاتب والمحلل السياسي مالك عبيد هذه الزيارة بأنها “من أهم الزيارات التي يقوم بها أمير دولة قطر”، مشيرًا إلى أنها “ستتناول عدة ملفات رئيسية تشمل التعاون السياسي والاقتصادي، إلى جانب قضايا إقليمية ودولية ملحة”.

وأوضح عبيد في تصريح لـ “وكالة أنباء تركيا”، أن “قطر وبفضل خبرتها في الوساطات الدولية، قد تلعب دورًا محوريًا في إيجاد حلول للصراع الروسي الأوكراني”، مستشهداً بدورها السابق في الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان، حيث نجحت في استضافة المفاوضات وإنهاء حالة الحرب، وفق تعبيره.

وتابع “تعد هذه الزيارة من أهم الزيارات التي يقوم بها أمير دولة قطر حيث هناك عدة ملفات على طاولة البحث، ومن أهمها هو بحث التعاون المشترك ما بين الدولتين السياسية والاقتصادية، ومن حيث الجانب السياسي، سيكون لدولة قطر دور مهم في إيجاد حل للحرب بين روسيا وأوكرانيا”.

وأضاف عبيد أن “الملف السوري سيكون أحد المحاور الرئيسية، حيث تسعى قطر إلى الاستفادة من النفوذ الروسي لدعم استقرار الحكومة السورية الحالية ومواجهة التدخلات الخارجية من دول مثل الاحتلال الإسرائيلي وإيران”.

كما أشار إلى أن الزيارة ستناقش الحرب في غزة، حيث يمكن لقطر، بدعم روسي وأمريكي، أن تضغط لوقف التصعيد وإحلال السلام.

وختم بالقول “سوف تكون لهذه الزيارة صدى خليجي وإقليمي ودولي، ونتوقع أن تكون لها مخرجات قابلة للتنفيذ تنعكس إيجابًا على هذه الملفات”.

العلاقات القطرية الروسية.. تاريخ من التنسيق

وتُعد هذه الزيارة امتدادًا للتواصل المستمر بين قطر وروسيا، حيث شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.

ويبرز الاتصال الهاتفي بين الشيخ تميم والرئيس بوتين في آذار/مارس الماضي كمؤشر على هذا التنسيق، إضافة إلى أن قطر، بفضل موقعها الاستراتيجي ودورها الدبلوماسي، أصبحت شريكًا مهماً لروسيا في مناقشة القضايا الإقليمية.

ويتوقع المحللون أن تثمر الزيارة عن اتفاقيات تعاون اقتصادي وسياسي، إلى جانب تقدم في التنسيق حول الملفات الإقليمية.

ومع سجل قطر الحافل في الوساطات، قد تشهد الزيارة مبادرات جديدة لدعم الاستقرار في سوريا، وتخفيف التوتر في أوكرانيا، والضغط لوقف إطلاق النار في غزة، ومع ذلك، يبقى نجاح هذه المبادرات مرهونًا بمدى التوافق بين الأطراف الدولية المعنية.

تُعد زيارة أمير قطر إلى روسيا خطوة استراتيجية تعكس طموح الدوحة في تعزيز دورها كفاعل إقليمي ودولي مؤثر، ومن خلال التنسيق مع روسيا، تسعى قطر إلى المساهمة في استقرار المنطقة وإيجاد حلول دبلوماسية للصراعات الدائرة.

ومع وجود ملفات معقدة على طاولة النقاش، ستكون الأنظار موجهة نحو مخرجات هذه الزيارة وتأثيرها على المشهد الإقليمي والدولي، وفق مراقبين.

زر الذهاب إلى الأعلى