
الدبلوماسية التركية تتغلب على لغة السلاح.. نموذج القوة الناعمة الخارجية (مقال)
برزت تركيا في السنوات الأخيرة كلاعب دولي يعتمد بشكل متزايد على أدوات القوة الناعمة لتعزيز نفوذها الإقليمي والعالمي، وإظهار قوتها الدبلوماسية متجاوزة بذلك الاعتماد التقليدي على القوة العسكرية.
كان آخر تلك الجهود التي تبذلها تركيا، المباحثات التي يرعاها الرئيس رجب طيب أردوغان بين روسيا وأوكرانيا بهدف وضع حد للحرب وإنهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات.
لعبت تركيا دورًا بارزًا في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، مما أدى إلى توقيع وتجديد اتفاقية تصدير الحبوب، وساهم في تجنب أزمة غذائية عالمية وخاصة في الدولة الفقيرة.
وبينما تركز تركيا على القوة الناعمة، فإنها لم تتخلَ عن استخدام القوة الصلبة عند الضرورة. ففي إفريقيا -على سبيل المثال- قامت تركيا بتوقيع اتفاقيات دفاعية مع دول مثل الصومال وليبيا، وأنشأت قاعدة “تركصوم” العسكرية في مقديشو لتدريب الجنود الصوماليين، وعقدت اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع عدد من الدول الإفريقية.
على الرغم من النجاحات، تواجه تركيا تحديات في الحفاظ على توازن دقيق بين استخدام القوة الناعمة والصلبة، ففي بعض الحالات، قد يؤدي التركيز الزائد على القوة الصلبة إلى تقويض جهود القوة الناعمة لذلك، من المهم أن تستمر تركيا في تعزيز أدواتها الناعمة، مثل التعليم والثقافة والإعلام، مع استخدام القوة الصلبة بحذر ووفقًا للمعايير الدولية.
تُظهر التجربة التركية كيف يمكن للدبلوماسية والقوة الناعمة أن تكون أدوات فعالة في تعزيز النفوذ الدولي، متجاوزة بذلك الاعتماد التقليدي على القوة العسكرية، من خلال التركيز على التعليم، الثقافة، المساعدات الإنسانية، والوساطة الدولية، حيث تقدم تركيا نموذجًا يُحتذى به في كيفية استخدام القوة الناعمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.