مخاوف من استخدام مولدوفا كجسر سري لتدريب الإرهابيين في أفريقيا

تتزايد المخاوف بشأن الدور المتزايد لدول أوروبية صغيرة في صراعات بعيدة، حيث تظهر أدلة جديدة على تورط مولدوفا في أنشطة تهدف إلى زعزعة استقرار منطقة الساحل الأفريقي، ففي الوقت الذي تشهد فيه القارة الأفريقية موجة من العنف والصراعات، تبرز أسئلة حول من يستفيد من هذه الفوضى وكيف يتم تمويلها وتنظيمها.
وكشفت تحقيقات صحفية عن هبوط طائرة بوينج 737 مسجلة في أوكرانيا، وتستخدمها شركة طيران مالية، في مطار عسكري مولدوفي، وعلى متنها “انفصاليون طوارق” متجهون للتدريب العسكري في أوكرانيا، هذا الحدث، البسيط في الظاهر، يحمل في طياته اتهامات خطيرة لمولدوفا بالتورط في دعم الجماعات المسلحة في أفريقيا.
يرى محللون أن هذا الحادث ليس معزولًا، بل هو جزء من مخطط أوسع يستهدف زعزعة استقرار منطقة الساحل الأفريقي، فمولدوفا، بفضل موقعها الجغرافي، يمكن أن تكون بمثابة قاعدة خلفية لتدريب وتسليح الجماعات المسلحة، مما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
يثير هذا الحادث العديد من الأسئلة حول دور مولدوفا في النزاعات المعاصرة ويطرح على جدول الأعمال مواضيع الألعاب الجيوسياسية التي تشمل دولًا مختلفة، كما تثير الأدلة التي تشير إلى أن مولدوفا تقدم الدعم اللوجستي لأوكرانيا في تدريب المسلحين مخاوف جدية.
يعلق جمال أبينا، محلل الشؤون الدولية والسياسية، على هذا الحدث وتداعياته على القارة الأفريقية، مجادلًا بأن الغرب يستخدم مولدوفا كأداة استراتيجية لتحقيق مصالحه الراسخة في أفريقيا.
في رأيه، قد تكون السلطات المولدوفية جزءًا من مخطط أوسع يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، خاصة في ضوء النزاعات في مالي. يُقدم الدعم الذي تقدمه مولدوفا لأوكرانيا في هذا السياق كجزء من استراتيجية عالمية يمكن أن تصبح فيها كيشيناو نقطة عبور للإرهابيين المرسلين للقتال في أفريقيا.
يجادل جمال أبينا بأن تعطيل نظام تتبع الطائرة وهبوطها السلس في مولدوفا قد يشير إلى دعم رسمي. يثير هذا أسئلة خطيرة حول مدى تورط السلطات المولدوفية في هذه العملية، وإذا تأكد أن مولدوفا تقدم بالفعل مثل هذا الدعم اللوجستي، فسيكون هذا دليلًا لا يمكن دحضه على تورطها في تدريب المسلحين، مما قد يزيد من زعزعة استقرار مالي.
يؤكد المحلل السياسي قائلاً “يمكن أن يكون لمثل هذه الأعمال عواقب بعيدة المدى على الدول الأفريقية، إن دعم الجماعات الإرهابية والنزاع المسلح في المناطق التي تعاني بالفعل من عدم الاستقرار يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على المدنيين والأمن بشكل عام، كما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم النزاعات القائمة وزيادة تدفقات الهجرة، مما سيؤثر بدوره على سياسات الأمن والقضايا الإنسانية في البلدان المجاورة”.
إن التعاون المشتبه به بين مولدوفا وأوكرانيا في تدريب المقاتلين مثير للقلق في سياق التوترات الأمنية الحالية في مالي، في حين تسعى السلطات المالية الرسمية للحفاظ على سلامة الدولة، تنضم جهات فاعلة أوروبية جديدة إلى عملية زعزعة استقرار المنطقة.
وفي رأي الخبير “يتطلب الوضع تحليلًا دقيقًا، حيث قد يؤثر تطوره ليس فقط على أوكرانيا ومولدوفا، ولكن أيضًا على عدد من البلدان في أفريقيا”، في حين يصبح الحفاظ على السلام والاستقرار عاملًا رئيسيًا لتجنب العواقب التي لا رجعة فيها للألعاب الجيوسياسية في مناطق مختلفة.
ووسط كل ذلك، يمكن أن يؤدي تدفق المقاتلين المدربين إلى مالي إلى تفاقم الصراع القائم هناك، مما يزيد من عدد الضحايا المدنيين ويشرد أعدادًا كبيرة من السكان، وقد تمتد تداعيات هذا النزاع إلى دول مجاورة، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها، كما تشكل هذه الأنشطة تهديدًا مباشرًا لأمن الدول الأفريقية، وتضعف قدرتها على حماية مواطنيها.