مدونات TRهام

أردوغان ينبه.. ماذا يلوح في أفق الشرق الأوسط؟ (مدونة)

بعد عام على عملية طوفان الأقصى والرد الاسرائيلي المنفلت من أي رادع أخلاقي وإنساني والذي تجاوز كل معايير القانون الدولي الإنساني الناظم للحروب، والذي يحدد واجبات الأطراف المتحاربة والتزاماتهم وفق الحد الأدنى المطلوب مراعاته من قبل الأطراف المتصارعة، ليس بإمكان المرء هنا أن يقف على الحياد، أما العدوان الإسرائيلي علي الشعب الفلسطيني في غزة وبالتبعية في الضفة الغربية، ذلك العدوان والحرب الهمجية التي تخوضها إسرائيل بالنيابة عن التحالف الدولي المعادي للشعوب والذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، والهادف إلى الهيمنة المطلقة على العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

هذا التحالف الذي منذ قيام إسرائيل لم يبخل بالدعم المالي واللوجستي العسكري والأمني والسياسي لإسرائيل سواء في المنابر الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وإمدادها بالسلاح الذي يفيض عن الحاجة لما يسمونه الدفاع عن النفس، إلى وضع تكون فيه إسرائيل هي القوة العسكرية الأولى بالشرق الأوسط، والذي كانت فيه صاحبة الجيش الذي (لا يقهر) والذي تبين من الإمكانية هزه وتقليم أظافره ومحاصرته في ثكناته أو(قلاعه) إذا امتلكت شعوبنا الإرادة السياسية والمشروع الوطني والإقليمي لمجابهته، على طريق إلحاق الهزيمة بهذا الكيان الصهيوني العنصري الفاشي، وذلك إذا توفرت الشروط لذلك.

وأمام انتقال ثقل الحرب إلى جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، والتي دخلت حربا مفتوحة الجبهات والاحتمالات والمآلات، وكلها تنذر بتوسعنا إلى حرب شاملة قد لا تقتصر على دول الإقليم.

وأمام ما يجري تسريبه عمدا أو عفوا من قبل وسائل الإعلام الأمريكية ومن المراجع العسكرية والأمنية الإسرائيلية، عن احتمالات توسع الحرب لتنتقل إلى سورية ومشارف دمشق، وبعضها يقول إلى ما يتجاوز ذلك بغض النظر عن الإمكانية المتوفرة لدى إسرائيل للقيام بذلك ومدى نجاحها، وهي ليست قليلة وإن كانت ليست حاسمة ومطلقة.

هذه المخاطر المحدقة التي تجعل من أي رجل دولة حصيف ولديه تفكير ويشعر بالمسؤولية السياسية ويفهم الاعتبارات الأمنية الحيوية والاستراتيجيةَ، تجعله يطلق التحذير ويدق جرس الإنذار بالأخطار المحدقة، وهذا ما نبّه إليه الرئيس التركي أردوغان، عندما أعلن قبل أيام ودعا دولا هامة لها اهتماماتها ومصالحها في سوريا والإقليم، لتشكيل تحالف يقف في وجه الطموحات والأحلام التوسعية والفاشية لإسرائيل بنيامين نتنياهو، حيث طالب كل من روسيا وإيران وسوريا وأعلن استعداد تركيا ضمنا للدخول مع البلدان الثلاثة وكل منها له مصالحه ومشاريعه في سورية والمنطقة، تلك المصالح والمشاريع التي لا يمكن حمايتها إلا بالاتحاد والتحالف والوقوف في وجه السياسة المجنونة للقيادة الإسرائيلية والمدعومة من أمريكا والدول ذات الماضي الاستعماري الفرنسي والبريطاني، والمستجد الطامح لأن يكون له نصيب من جثة الرجل العربي المريض قبل أن يموت وينتن وتعم الحرائق وروائح الحروب الكريهة التي تسقط دولنا وتبيد شعوبنا.

إنها لحظة تاريخية علي قيادات دول المنطقة التقاطها والتجاوب مع نداء أردوغان وتشكيل هذا التحالف، والذي يجب أن تجر إليه مصر والسعودية ودول الخليج بشكل استراتيجي دفاعا عنها وعن شعوبنا كما عن شعوب المنطقة ومن اجل السلم العالمي وإطفاء بؤر الحروب وبناء السلام الذي يستجيب للحد الأدنى لحق الشعوب بالسلام والاستقرار والتنمية، وللشعب الفلسطيني بالحرية والتحرر وتقرير المصير وبناء دولته الوطنية.

إن شعوب المنطقة تمتلك ثروات وإمكانات اقتصادية واجتماعية وعسكرية كبيرة، قادرة لو استجاب قادتها لنداء أردوغان، على أن تنجز مهامها في رد العدوان الإسرائيلي وتبريد رؤوس قادته الحامية العسكريين والسياسيين، وقادرة على إجبار الولايات المتحدة بالتفكير بسياسات أكثر عقلانية تتجاوز العين العوراء التي لا ترى إلا من جانب واحد ولا تبشر الا الفوضى (الخلاقة) التي ليس لديها إلا الخراب والدمار الحرائق وأنهار الدموع والدماء، والمستقبل الذي يلفه الدخان والنار.

لا شك أن شعوبنا تقدر إذا توفرت على قيادات متصالحة معها ووفية لقضاياها، وامتلكت المشروع الوطني للتحرر والبناء والحياة السلمية والتطور والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى