مقابلاتهام

كاتب تركي: تاريخ أرمينيا أسود بالإجرام.. و”مذابح الأرمن” كذبة كبرى

أشار الكاتب والباحث السياسي التركي أيوب صاغجان، إلى أن تاريخ دولة أرمينيا مبني على القتل والمذابح، حيث كان الأرمن التابعين للدولة العثمانية على مدار القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مطيّة للدول الاستعمارية من أجل تحقيق غاياتها في هدم النسيج الاجتماعي للدولة العثمانية وتدمير المنطقة واستغلالها، لافتا إلى أن تلك الدول كان هدفها الأساسي هو النيل من الخلافة العثمانية تاريخيا عبر اتهامها بـ”إبادة الأرمن” بعكس ما يتصوره البعض وهو مساندة أرمينيا والدفاع عن شعبها.

وأضاف صاغجان في حديث لـ”وكالة أنباء تركيا”، اليوم الثلاثاء، أن “أرمينيا لها تاريخ دموي أسود على مدار التاريخ، فهذه الدولة التي تقتل الأطفال والنساء وتهدم المنازل على رؤوس المدنيين عبر قصفها بالصواريخ، لديها ماض مليء بسفك الدماء، والدول التي تدافع عنها مثل فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية تغض الطرف عن ذلك”.

واستعرض الكاتب أبرز المحطات التاريخية في حديثه عن أرمينيا، مضيفا أنه “إذا كان من الضروري البحث عن نقطة انطلاق للمسألة الأرمنية، فمن الممكن العثور عليها في مرسوم الإصلاح لعام 1856 أو الحرب العثمانية الروسية 1877-1878، ومؤتمرا آيا ستيفانوس وبرلين التاليين”.

روسيا والدول الغربية

أكد صاغجان أن “روسيا القيصرية كان ترى في الأراضي العثمانية نوعا من مناطق التنمية الطبيعية، خاصة بعد أن أصبحت إمبراطورية قوية منذ عشرينيات القرن التاسع عشر، حيث جهدت من أجل تقدم نفسها حامية للمسيحيين الذين يعيشون في الإمبراطورية العثمانية”.

واستكمل “روسيا القيصرية ليست الوحيدة في ذلك، بل كان هناك إنكلترا وفرنسا اللتين كانتا تهدفان إلى إقناع الأرمن العثمانيين باعتناق البروتستانتية والكاثوليكية”، موضحا أنه “لهذا الغرض، تم إنشاء الكنيسة الأرمينية الكاثوليكية في إسطنبول عام 1830 والكنيسة البروتستانتية عام 1847، وليس عند حدوث الاضطرابات ولا عند إعلان مرسوم الإصلاح في عام 1856، حيث لم تكن القضية الأرمنية موضع تساؤل”.

ونوّه الكاتب إلى أن “مرسوم الإصلاح، الذي يعني إعادة تنظيم النظام الاجتماعي على أساس النموذج الغربي، جعل المسلمين وغير المسلمين في نفس المكانة، وبالتالي، تم إنهاء الامتيازات والإعفاءات الروحية الممنوحة لغير المسلمين، لذلك أعدّ الأرمن لائحة جديدة ووافق عليها الباب العالي (الحكومة العثمانية) في عام 1863، حيث صدر مرسوم خاص بالأرمن يتيح لهم تنفيذ وتسيير شؤون الصحة والتعليم والمؤسسات والضرائب وشؤون العدالة جزئياً من قبل لجان دائمة”.

وفي هذا الصدد، أكد أن “اهتمام روسيا وبريطانيا وفرنسا بالأرمن ليس من منطلق التعاطف معهم، بل من أجل مصلحتهم الخاصة، وكذلك دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في تعاون وثيق مع الأرمن بعد اتفاقية التجارة التي وقعتها مع الإمبراطورية العثمانية في عام 1830، حيث جاء الأمريكيون أولا إلى تركيا كتجار ومبشرين، وقاموا بدراسات مكثفة خاصة في الأماكن التي يعيش فيها الأرمن داخل تركيا”.

وبيّن أنه “في حين فتحت تركيا سوقها آنذاك للتجارة مع الولايات المتحدة، قوّت الأخيرة علاقاتها مع التجار الأرمن الذين غادر قسم كبير منهم إليها وبنوا شراكات تجارية مع تجار أمريكيين واكتسبوا تدريجياً الجنسية الأمريكية، ليقوموا بدعاية أرمينية سوداء وعدائية ضد الأتراك”.

وأوضح أن “أمريكا منحت جنسيتها لأعضاء اللجان الأرمن الذين بدأوا مظاهرات في الأناضول منذ تسعينيات القرن التاسع عشر، حيث كانت تستخدمهم ضد العثمانيين، ووعدتهم بأرمينيا خيالية في شرق الأناضول، على الرغم من أنه من المعروف أن ذلك لن يتحقق”.

وحول تواطؤ الأرمن مع الإمبراطورية الروسية ضد الدولة العثمانية، أوضح صاغجان أن “أول علامة على انفصال الأرمن عن الإمبراطورية العثمانية شوهدت في الحرب العثمانية الروسية 1877-1878، حيث تفاوض البطريرك الأرمني في إسطنبول نرسيس مع المسؤولين الروس وطالب بدولة مستقلة في شرق الأناضول، كما قاموا بتشكيل العديد من اللجان في جنيف وتبليسي (عاصمة جورجيا) وقاموا بأعمال شغب في الأناضول من أجل إيصال أصواتهم من خلالها”.

وتابع “كان التمرد الأول هو تمرد أرضروم الذي بدأوه في عام 1890، وقاموا بالعديد من الثورات حتى 1909، ونظموا اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني عام 1905، كما تعاملوا سرا مع روسيا والدول الغربية”.

أيوب صاغجان
YAZAR EYÜP SAĞCAN

العصابات الأرمنية وكذبة “الإبادة”

أفاد صاغجان أن “طلعت وأنور باشا (قادة بارزين في الدولة العثمانية)، حذرا آنذاك من أنه بمجرد اندلاع الحرب العالمية الأولى، إذا انحاز الأرمن إلى جانب العدو، خاصة إذا قاموا بمحاولات عدائية ضد الجيش العثماني، فإنهم سيتخذون إجراءات مشددة ضدهم، لكن على الرغم من ذلك هاجمت العصابات الأرمنية الصفوف الخلفية للجيش العثماني وقوات الإمداد والبريد والوحدات المستقلة، وفي أبريل/نيسان 1915 اندلع تمرد وان”.

واستطرد أن “الحكومة قدمت نصائح للبطريرك الأرمني والبرلمانيين الأرمينيين ورؤساء الأرمن لوضع حد للتمردات الأرمنية؛ وذكرت أنه إذا استمرت، فسوف يُتخَذ إجراءات صارمة، لكنه عندما لم يستجب الأرمن لهذه التحذيرات، أعلنت وزارة الداخلية في 24 نيسان/أبريل 1915، إغلاق مراكز اللجنة الأرمينية، ومصادرة وثائقها واعتقال قادة اللجنة”.

ولفت إلى أنه “في 26 أبريل/نيسان، تم اعتقال 235 شخصا في إسطنبول بناء على تعاميم صادرة عن وزارة الداخلية ونائب القائد العام، هذا التاريخ يسميه الأرمن (ذكرى المذبحة) ويحيونه كل عام، ومع ذلك، ووفقا للادعاءات الأرمينية، حدثت وفيات أثناء الهجرة.. وبعد ذلك لم تسفر جميع الإجراءات التي اتخذت في 27 مايو/أيار 1915 عن نتائج، ووصل إرهاب الأرمن ومجازرهم ضد الأتراك إلى حد خطير”.

ولفت إلى أنه “في 10 يونيو/حزيران 1915، أصدرت الحكومة لائحة أخرى مكونة من 34 مادة، حددت الاستيطان والمعيشة وغيرها من القضايا المتعلقة بالأرمن الذين نزحوا خلال الحرب وبسبب حالة الطوارئ، وحددت الإجراءات التي يتعين تنفيذها لإدارة ممتلكات وأراضي النازحين وتأمينها، لكن على الرغم من ذلك، حتى الآن يتم اتباع ادعاءات الأرمن.. ومن أجل دعم هذه الادعاءات، اعترفت برلمانات العديد من البلدان يوم 24 أبريل/نيسان بما يسمى بـ(الإبادة الجماعية للأرمن)، ولا تزال تعترف بها”.

تركيا وتعاملها مع القضية الأرمنية

أشار صاغجان إلى أنه “في عام 1991، تفكك الاتحاد السوفياتي وأعلنت أرمينيا عقب ذلك استقلالها، وكانت تركيا أولى الدول التي اعترفت باستقلالها، لكن إصرار أرمينيا على ادعاءاتها الكاذبة واستمرارها باحتلال جزء من الأراضي الأذرية، وتأكيدها على فكرة (التهجير الأرمني) الذي قامت به الدولة العثمانية في عام 1915 باعتباره إبادة جماعية، واعتبارها منطقة شرق الأناضول كجزء من (أرمينيا الغربية)، دفع تركيا لإغلاق الحدود معها أمام حركة المسافرين والبضائع في العام 1993”.

وأكد أنه “على الرغم من كل ذلك، قدمت تركيا مساعدات غذائية وطاقة كهربائية لأرمينيا التي تعيش ظروفا صعبة للغاية، كما أن تركيا لا تعارض استخدام أراضيها لإيصال المساعدات الإنسانية لأرمينيا من دول أخرى.. وبدلاً من معارضة دخول أرمينيا في التعاون الاقتصادي للبحر الأسود كعضو مؤسس، أيدت ذلك. وسمحت برحلات جوية من يريفان إلى إسطنبول وطرابزون، فيما تستمر التجارة بين البلدين بشكل غير مباشر عبر جورجيا وإيران”.

وأرفد أن “الإمبريالية العالمية لعبت دورا بارزا في إذكاء مشاعر العداء عند الأرمن ضد تركيا، حيث لا يوجد في تركيا أو عند الأتراك ضغينة ضدهم رغم كل الآلام، فتركيا بلد يبلغ عدد سكانه 83 مليون نسمة وهي دولة قوية ومتفوقة في العديد من النواحي”، لافتا إلى أن “هذه القوى من المحتمل أن تحرك ملف قضية إغلاق الحدود مع أرمينيا وفق مبدأ (كوبنهاغن) لحسن الجوار مثلما حصل في قبرص سابقا”.

وأكد الكاتب مجددا عدم مصداقية حدوث “الإبادة ضد الأرمن”، متسآلا عن السبب الذي يدفع الدول لعدم فتح تحقيق جديٍّ في هذه القضية، وأردف قائلا “بعد قبول العديد من الدول لما يسمى بـ(الإبادة الجماعية للأرمن) في برلماناتها، وافق مجلس الشيوخ، الجناح الأعلى للكونغرس الأمريكي، على مشروع قانون الاعتراف بما يسمى بالإبادة الجماعية للأرمن في كانون الأول/ديسمبر 2019، ولم يمر بعد عبر الجناح الآخر للبرلمان ليعرض على رئيس الولايات المتحدة، ومع ذلك، كل يوم 24 أبريل/نيسان من كل عام، تتجه الأنظار إلى بيان الرئيس الأمريكي”.

وواصل “هو قال (الرئيس الأمريكي ترمب عام 2019) أننا نواسي، لم يقل إبادة جماعية، بل كارثة عظيمة، لكن هذا المصطلح قد يتحول إلى مصطلح خاص مثل (الهولوكوست) في المستقبل، لذلك، هناك عيوب لاستخدامه.. فبدلاً من الانتظار المستمر لمن سيقول ماذا، يجب ترك الأحداث للمؤرخين وترك القضية للمؤرخين وليس السياسيين”.

وختم صاغجان كلامه قائلا “هناك حاجة ماسة لجمع علماء دوليين من مختلف مناطق العالم وفتح الأرشيف، لكن السبب في عدم فتحه هو علم الدول الغربية بأنها سوف تتعرض للخزي والعار”.

زر الذهاب إلى الأعلى