تقاريرهام

العلاقات التركية العمانية.. تطور يصب في مصلحة البلدين (تقرير)

شهدت الأعوام الأخيرة فترة ازدهار ملحوظ في العلاقات التركية العمانية متأثرةً بسياسات جديدة في مسقط تتجه نحو تفعيل دورها بمساعدة دول مؤثرة في الشرق الأوسط وأهمها تركيا

تحتفل سلطنة عمان، الخميس 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بالذكرى الـ 51 ليومها الوطني.

تركيا كانت من أولى الدول التي اعترفت بالسلطنة عام 1970، لتبدأ عقودٌ من التعاون والتفاهمات والعلاقات الذهبية في مجالات عدة، التي انعكست قوّتها في تفرّد الموقف العماني الذي رحّب بقرار إعادة آيا صوفيا مسجدا، كما أن عمان كانت سبّاقةً بدعم تركيا ضد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/يوليو 2016.

العلاقات السياسية

تعود العلاقات السياسية بين البلدين إلى الحقبة العُثمانية، إلا أنها تطوّرت في عهد الجمهورية التركية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على العديد من الملفات المشتركة.

وبعد نحو عقدٍ من انخفاضها نسبياً، انطلقت عام 2017 مرحلة جديدة من التقارب بين أنقرة ومسقط، وأعيد إحياء الاستشارات السياسية بينهما.

وفقاً للمعطيات الرسمية والأرقام، تعِد المرحلة المقبلة بتطوّر العلاقات الثنائية استناداً إلى المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، المبنية على المواقع الجيوستراتيجية لكلا البلدين، وسط تقاربٍ ملحوظ وسنواتٍ من الصداقة والتعاون المشترك في مختلف المجالات.

يأتي تطوير العلاقات التركية العمانية في ظلّ رؤية 2040 الاستراتيجية التي يتبعها السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، والتي تقضي بتطوير العلاقات والشراكات المتنوعة مع العديد من الدول في المنطقة، وخاصةً الدول الفاعلة في الشرق الأوسط.

العلاقات التجارية والاقتصادية

وفي هذا الإطار، جاءت زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو إلى مسقط، في شباط/فبراير 2021، والتي انبثقت عن توقيع اتفاق ثنائي في 24 أيار/مايو 2021، يهدف إلى جذب استثمارات تركية إلى منطقة “الدقم” الاقتصادية، ضمن خطة تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

كما نظمت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانية زيارةً لوفد تجاري تركي، حيث تم بحث سبل التعاون التجاري والاستثمار، مع عقد لقاءات موسعة مع مسؤولين في عدة جهات عامة وخاصة.

وخلال الزيارة تم توقيع اتفاقية أوّلية لمشروع استثماريّ لتطوير نموذج في منطقة الدقم العُمانية يحاكي منطقة (GOSB) وسط منطقة مرمرة التركية، التي تقدّر مساحتها بـ5.160 ملايين متر مربع، وتشكل ثلثي السوق التركي.

في عام 2020 شهدت العلاقات تقارباً لافتاً من النواحي السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتجارية، يخدم تلك الحقيقة واقع أن تركيا ضمن مجموعة الدول العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم.

تحجز تركيا مكاناً لها في عمان بحجم استثماراتٍ يبلغ 8 مليارات دولار في مجال البناء والتشييد، بينما يبلغ حجم الاستثمارات العمانية في تركيا نحو 10 ملايين دولار، في مجال التعدين والاستيراد والتصدير والعقارات والبتروكيماويات والأغذية والخدمات اللوجيستية، غير أن هذا الرقم في ازديادٍ نظراً للتسهيلات التي كفلتها اتفاقيات التبادل بين البلدين.

ووفقاً لغرفة التجارة العُمانية فإن التجارة الثنائية بين البلدين ارتفعت بنسبة 8% في 2018، كما ارتفع حجم التبادل التجاري إلى 490 مليون دولار.

أهم الصادرات التركية إلى عُمان هي: الحديد والفولاذ والموبيليا والسجاد ووسائل النقل والآلات على أنواعها والمواد الغذائية.

أما أهمّ الواردات التركية من عمان فهي: الألمنيوم والزيوت المعدنية والبلاستيك والألياف المركّبة والصناعية.

في السياحة

تأتي المدن التركية في طليعة الوجهات السياحية التي يقصدها العُمانيون في الصيف والشتاء، ذلك أن القطاع السياحي في تركيا واهتمام الحكومات بتطويره، فضلاً عن غنى هذا البلد الثقافي والحضاري والتاريخي، جعله يستقطب العمانيين لقضاء إجازاتهم.

التعاون العسكري

لم يقتصر التعاون بين البلدين على التجارة والاستثمارات في مجالات التصنيع والمقاولات والسياحة، بل تخطّاه إلى عقد صفقات شراء العتاد العسكريّ والأسلحة التركية التي أثبتت منافستها للصناعات الأوروبية والأمريكية لجهة الجودة والتكلفة.

ففي عام 2011 وقَّعت أنقرة ومسقط مذكرة تفاهم عسكري، تبعها توقيع عقود شراء معدات عسكرية تركية مصنوعة محلياً، شملت العربات المدرّعة والقتالية وأنظمة التسلّح.

وبحلول العام 2018، صنّفت السلطنة بالمركز الثالث عالمياً بين مستوردي الأسلحة من تركيا، بحجم استيراد وصل إلى 150.5 مليون دولار.

وبعد عامين، في آذار/مارس 2020، افتتح في عمان فرعٌ لشركة HAVELSAN التركية للصناعات الإلكترونية الجوية، تحت اسم Technology Oman LLC، حيث تمتلك فيها “هافيلسان” 70%.

جاء ذلك ضمن مشروع مشترك، يهدف إلى زيادة حجم الصادرات الدفاعية التركية إلى المؤسسات العُمانية.

أسباب تدعم العلاقات الثنائية

في مجال تطوير العلاقات بين تركيا وعمان، تبرز العديد من الدعائم المنطقية، السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.

في العقد الماضي عُرف عن عمان التزامها الحيادية في كل الملفات ومراعاتها لجميع الأطراف الدولية، ولكن، مع استلام السلطان الجديد الحكم، اتجهت الحكومة العُمانية نحو سياسات مختلفة، نظراً لما يعكسه ذلك من المكاسب والنفع على المستويات كافة.

وفي السياق، تستفيد مسقط من الخبرات المهمّة التي تملكها أنقرة، في مجالات النموّ ودخول السوق العالمية.

في المقابل، تستفيد أنقرة من عوائد هذا التعاون والتقارب، بعد تشبيك علاقاتها مع قطر والكويت، خاصة أن السوق العُمانية لا تعدّ مفتوحةً على الاستثمارات المتنوعة مثل غيرها من أسواق الدول الخليجية، ما يعني أنها تشكّل باباً واسعاً ومغرياً للاستثمار.

زر الذهاب إلى الأعلى