تقاريرهام

مزاعم “إبادة الأرمن”.. بين أكاذيب اللوبيات الأرمنية وحقائق الوثائق التاريخية (تقرير)

تعد قضية “مذابح الأرمن” المزعومة من أكثر القضايا إثارة للجدل في التاريخ الحديث، حيث تؤثر بشكل كبير على العلاقات السياسية بين تركيا وبعض الدول الغربية.

هذا التقرير، المستند إلى دراسة مركز تركمان إيلي للدراسات السياسية والاستراتيجية، يهدف إلى تفنيد هذه المزاعم من خلال تحليل الوثائق التاريخية والأرشيفات، مع التركيز على الحقائق التي تكشف التلاعب السياسي وراء هذه الادعاءات. يتناول التقرير الأسئلة المنطقية التالية:

  • هل مزاعم “مذابح الأرمن” حديثة أم أنها قضية قديمة أعيد إثارتها لأغراض سياسية؟
  • لماذا ظلت هذه القضية طي النسيان لعقود قبل إثارتها مجدداً؟
  • هل هناك أدلة وثائقية موثوقة تدعم هذه الادعاءات؟
  • ما دور الأطراف الخارجية، مثل روسيا والدول الغربية، في تضخيم هذه القضية؟

الإطار التاريخي للقضية

خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، واجهت الدولة العثمانية تحديات داخلية وخارجية، بما في ذلك تمرد بعض الأرمن الذين تحالفوا مع القوات الروسية ضد الدولة العثمانية.

هذا التحالف أدى إلى تشكيل عصابات مسلحة أرمينية ارتكبت أعمال عنف ضد المدنيين المسلمين في الأناضول.

ردت الدولة العثمانية بقرار نقل الأرمن من المناطق الحدودية لتجنب تصاعد الصراع إلى حرب أهلية.

ومع ذلك، تُستخدم هذه الأحداث اليوم كجزء من حملة تشويه ضد تركيا، متجاهلة السياق التاريخي والوثائق التي تثبت معاناة المسلمين على يد الأرمن والقوى الاستعمارية.

تساؤلات منطقية

  • لماذا السكوت لعقود؟ إذا كانت هذه المزاعم حقيقية، فلماذا لم تُثار بشكل جدي إلا بعد عقود من انتهاء الحرب العالمية الأولى؟
  • أين الأدلة؟ لماذا فشلت الجهات التي تدعم هذه الادعاءات في تقديم وثائق أرشيفية موثوقة؟
  • ما دور السياسة؟ هل تُستخدم هذه القضية كأداة للضغط على تركيا الحديثة، خاصة مع تقدمها الاقتصادي والسياسي؟

الحقائق التاريخية

1. غياب الأدلة الوثائقية

  • لم تستطع أي دولة أو منظمة تقديم وثائق أرشيفية تدعم مزاعم وقوع “إبادة جماعية” ضد الأرمن.
  • الأرشيف العثماني الذي يحتوي على أكثر من مليون وثيقة، يكشف عن تورط الأرمن في أعمال عنف ضد المدنيين المسلمين، بما في ذلك مجازر موثقة في مدن مثل قارص وأرزوروم.
  • تركيا دعت مراراً الباحثين والمؤرخين للاطلاع على هذا الأرشيف، لكن الأرمن وداعميهم لم يقدموا وثائق مماثلة تثبت ادعاءاتهم.

2. دور الأرمن في الصراع

  • خلال الحرب العالمية الأولى، تحالف الأرمن مع القوات الروسية المحتلة، وشكلوا عصابات مسلحة هاجمت القرى العثمانية، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المسلمين المدنيين.
  • وثّق الأرشيف العثماني مقتل حوالي 47,000 شخص في مجازر ارتكبتها العصابات الأرمينية في قارص، إضافة إلى اكتشاف مقابر جماعية في مناطق مثل سوباط (1991) ودرجيك (2003) تحتوي على رفات مئات الضحايا المسلمين.
  • قرار النقل العثماني (1915) جاء كرد فعل على هذه الأعمال، بهدف حماية الأمن الداخلي، وليس كعملية إبادة.

3. وجود الأرمن اليوم

  • يعيش ملايين الأرمن في دول مثل أوروبا، الولايات المتحدة، والقوقاز، مما يناقض ادعاءات الإبادة الجماعية التي تزعم مقتل حوالي مليوني شخص.
  • لو كانت هناك إبادة منهجية، لما كان من الممكن أن يبقى هذا العدد الكبير من الأرمن على قيد الحياة.

4. تقرير نيلز وسذرلاند

  • أعد النقيب إموري نيلز وآرثر سذرلاند، وهما أمريكيان، تقريراً عام 1919 بعد زيارتهما لشرق الأناضول، وثّقا فيه أعمال التدمير والمجازر التي ارتكبها الأرمن ضد المسلمين.
  • وجد التقرير أن الأحياء الأرمينية في مدن مثل بتليس ووان بقيت سليمة، بينما دُمرت الأحياء المسلمة بالكامل.
  • أشار التقرير إلى إحصائيات تظهر تدمير منازل المسلمين بشكل شبه كامل:
    • وان (قبل الحرب/بعد الحرب): منازل المسلمين (3400/3)، منازل الأرمن (3100/1170).
    • بتليس: منازل المسلمين (6500/0)، منازل الأرمن (1500/1000).
  • أكد التقرير أن الأرمن ارتكبوا جرائم قتل، اغتصاب، وحرق ضد المسلمين، مع أدلة مادية مثل القرى المدمرة.

5. المقابر الجماعية

  • اكتشفت مقابر جماعية في مناطق شرق الأناضول تؤكد معاناة المسلمين:
    • سوباط (1991): 570 ضحية مسلمة قُتلوا حرقاً.
    • درجيك (2003): مقبرة جماعية أخرى.
    • كوتشوك تشاتمه: رفات 30 من 183 ضحية.
  • وثّق الأرشيف العثماني وجود 185 مقبرة جماعية تحتوي على ضحايا مسلمين قتلوا على يد العصابات الأرمينية.

المحاور التاريخية لفهم الصراع

1. معاهدة سان ستيفانو (1878)

  • وقّعت عقب الحرب الروسية-التركية، وساهمت بنودها (خاصة 16 و61) في تدويل المسألة الأرمينية.
  • أصبحت هذه المعاهدة أداة للضغط السياسي على تركيا حتى اليوم.

2. فترة الحرب العالمية الأولى (1821-1922)

  • شهدت هذه الفترة تمرد الأرمن في مناطق واسعة من الأناضول والقفقاس والبلقان.
  • وثّق المؤرخ جستن مكارثي في كتابه “الطرد والإبادة” معاناة المسلمين، حيث فقد أكثر من 62% من مسلمي وان، و42% من مسلمي بتليس، و31% من مسلمي أرضروم.
  • تُجاهل الروايات الغربية هذه المعاناة، مركزة فقط على مزاعم “إبادة الأرمن”.

3. دور جماعة الاتحاد والترقي

  • بعد انقلاب 1908، أدت تعديلات دستورية إلى السماح للأقليات بحمل السلاح، مما سهّل أعمال العنف الأرمنية.
  • مثال بارز: هجوم أطنة (1909) بقيادة الأسقف موستش، الذي استهدف المسلمين.

4. الدعاية الغربية

  • لعبت تقارير السفراء والمبشرين البروتستانت الأمريكيين دوراً في تضخيم أعداد الضحايا الأرمن وتجاهل معاناة المسلمين.
  • صوّرت هذه الدعاية المسلمين كـ”برابرة”، بينما وصفت الأرمن بـ”الضحايا الأبرياء”.

5. الولاء الديني

  • كان الولاء الديني عاملاً رئيسياً في الصراع، حيث رأى الأرمن في الروس والفرنسيين إخوة في العقيدة المسيحية.
  • وثّق مكارثي أمثلة على دعم الأرمن للغزوات الروسية في القفقاس، مثل تزويدهم بمعلومات عن إمدادات المياه في دربند (1796).

6. دور القوى الاستعمارية

  • ساهمت روسيا في تحريض الأرمن ضد العثمانيين، مستغلة الروابط الدينية.
  • بعد الثورة البلشفية (1917)، سلّمت روسيا مناطق سيطرتها للعصابات الأرمينية مع أسلحة ثقيلة، مما زاد من وتيرة المجازر ضد المسلمين.

7. السياق الجيوسياسي

  • تُستخدم قضية الأرمن اليوم كأداة للضغط على تركيا، خاصة مع عودة الهوية الإسلامية ورفض بعض الدول الغربية قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي.
  • يخشى الغرب من قوة تركيا المتزايدة، مما يدفعه لاستخدام هذه القضية لابتزازها سياسياً وعسكرياً.

الرد على الحملات التشويهية

  • دعوة تركيا للبحث العلمي: تفتح تركيا أرشيفها العثماني أمام الباحثين، داعية إلى دراسة موضوعية تعتمد على الوثائق.
  • رفض الاتهامات الغربية: ترفض تركيا الاتهامات الغربية وتطالب بتقديم أدلة وثائقية، وهو ما فشل الأرمن وداعموهم في تحقيقه.
  • تسليط الضوء على معاناة المسلمين: يُتجاهل الغرب معاناة ملايين المسلمين الذين قُتلوا أو هُجروا في القفقاس، البلقان، والأناضول خلال نفس الفترة.
  • الكيل بمكيالين: بينما يُركز الغرب على مزاعم “إبادة الأرمن”، يتجاهل الإبادات التاريخية التي ارتكبتها القوى الاستعمارية ضد المسلمين والعرب في الجزائر، ليبيا، وغيرها.

أمثلة على المجازر الأرمنية ضد المسلمين

  • مدينة قارص: قتلت العصابات الأرمينية حوالي 47,000 مدني مسلم في أوائل القرن العشرين.
  • المسجد الكبير في قارص: جُمع 286 وجيهاً وسُكب عليهم الزيت المغلي.
  • إقليم وان: قتل 15,000 مسلم، مع تدمير 1373 منزلاً مسلماً مقابل زيادة منازل الأرمن.
  • أرزورم: قتل 50,000 مسلم على يد العصابات الأرمينية.

تكشف الحقائق التاريخية والوثائق الأرشيفية، بما في ذلك تقرير نيلز وسذرلاند والأرشيف العثماني، أن مزاعم “مذابح الأرمن” تفتقر إلى أدلة موثوقة، وأن الأرمن ارتكبوا بدورهم مجازر موثقة ضد المسلمين بالتعاون مع الروس.

وتُستخدم هذه القضية كأداة جيوسياسية للضغط على تركيا، متجاهلة معاناة المسلمين في القفقاس، البلقان، والأناضول.

وتدعو تركيا إلى بحث علمي نزيه يعتمد على الوثائق، مؤكدة أن الحرب العالمية الأولى تسببت في معاناة الجميع، ولا يمكن اختزالها في رواية أحادية تستهدف تشويه تاريخها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى